صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحالة التي يكون فيها العالم أقدر منه على النهوض حالة واحدة ، هي بالتبعة والاستقلال « بالشخصية » في حقوقها وفى واجباتها . وليس العباقرة والسراة بأفضل من الأغبياء والوضعاء في كل حالة ، ولكنهم أفضل منهم في تلك الحالة بعينها ، وهي القدرة على النهوض اه بالتبعة . ولنا أن نقول ما نشاء في فضل الكبير على الصغير ، والسيد على العبد ، والرئيس على المرؤوس ، والرجل الرشيد على الطفل اللاعب ، والعلم المشهور على النكرة المجهول لنا أن نقول ما نشاء عن فضل انسان على انسان كيفما كان هـذا الانسان أو ذلك الانسان ، ولكننا نخطىء في التفضيل مالم يكن مرجع الفضل الى تلك المزية التي تستمدها من وجهـة التاريخ ، وهي مزية الشخصية الكاملة المسئولة عن تبعاتها ، فانها هي ا المزية التي لا يدل عليها فضل العلم ولا فضل الأخلاقي ولا فضل العبقرية ولا فضل الوجـاهة ا ولا فضل السن ولا فضل الخبرة ، فانها جميعا أفضال تنفصل عن النهوض بالتبعة فلا تعني شيئا ولا تنم لها قيمة ، فاذا سكت عن كل فضل وكل صفة وقلت عن انسان انه أصلح للنهوض بالتبعة فقد غنيت عن البيان وجمعت الفضائل بأنواعها ودرجاتها في فرد عنوان . وتلك المزية الأولى التي تبرز لنا من متابعة النظر الى وجهـة التاريخ : انها انتقال من حالة الكم المهمـل والرقم المتكرر الى حالة و الشخصية » المتميزة بالحق والتبعة ، ولعلها المزية التي تعيننا في كل مفاضلة بين مجموعة من الناس وغيرها من المجاميع الانسانية ، وليس مبلغها من الصدق أن تعيننا في أسباب المفاضلة بين انسان و انسان ، فمن أمة من الأمم انها أوفر نصيبا من « الشخصيات » الحرة التي قال عن ۵۸