صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/101

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

رجل آخـر أن يسلم بنته الى ذلك الرجـل ليقتلها قصاصا لبنته ، وتحسبها – من ثم – شيئا مضافا الى أسرتها أو الى أبيها لا تستقل بحياة خاصة لها أو بحقوق واجبة لحياتها ، وجاءت شرائع الرومان بعد ذلك على هذه الوتيرة في حقوق الأتباع والفروع ، ثم تقدمت مع تقدم الزمن حتى أصبح كل فرع من فروع الأسرة أصلا قائما على جذوره مستقلا بكيانه ، أهلا للحق وأهلا للتبعة في عمله . - وليس للتفاضل بين الانسان والانسان مقياس واحد أصـدق من المقياس الذي نستمده من وجهة التاريخ بالنسبة للانسان الفرد كما كان وكما يكون مع تعاقب الأطوار وتتابع الأجيال ، وأوجز ما يقال في المقياس الذي نستمده من وجهة التاريخ أنه المقياس الذي ينبىء عن تكامل الشخصية الانسانية في حقوقها وتبعاتها . فالعلم يعطينا مقياسه الذي تفضل به العالم على الجاهل ، والأخلاق تعطينا مقياسه الذي تفضل به خلق الصلاح والنفع على خلق السوء والضرر ، والاجتماع يعطينا مقياسه الذي تفضل به الوجاهة والشرف على الضعة والخمول ، والمال يعطينا مقياسه الذي تفضل به المليء المكتفى بنفسه على العاجز المفتقر الى غيره ، والعبقرية تعطينا مقياسها الذي تفضل به الفطنة المبدعة على الذهن العقيم والخاطر الكليل . وهذه كلها مقايس صادقة للتفاضـل بين الناس في مواضعها وموضوعاتها . ولكنها كلها لا تبلغ في الدقة ، وفي الصحة ، ما يبلغه المقياس المستمد من وجهـة التاريخ ، وهو مقياس « الشخصية » المسئولة الكاملة : الشخصية التي تسأل عن أعمالها وتحاسب بتبعاتها ليس العالم بأفضل من الجاهل في كل حالة ، ولكنه أفضل منه في ل القرن العشرون r ۹۷