صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/99

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

يوحنا الذهبي الفم تلميذ ليبانيوس، وكان لا يزال كاهنًا في مسقط رأسه أنطاكية، يستغل الذعر لمصلحة الإيمان، فألَّف ميامرَه العشرين وحفظ لنا شيئًا من تفاصيل تلك الحوادث1، وأمر ثيودوسيوس بتأليف مجلسٍ عدليٍّ للنظر في هذه الحوادث، واتخذ هذا المجلس مركزَه في أنطاكية وحكم وقسا على الرغم من احتجاج الرهبان والأتقياء، ونزع ثيودوسيوس لقب متروبوليت عن أنطاكية وأنعم به على اللاذقية، ثم أصدر عفوًا عامًّا قُبيل عيد الفصح من السنة نفسها.

توحيد الإمبراطورية : وأَحَبَّ غراتيانوس الإمبراطور القبائل الآلانية التي كانت قد فرَّت من سواحل بحر آزوف والتجأتْ إلى داخل حدود الإمبراطورية؛ خوفًا من الهون البرابرة، فألحق أبناء هذه القبائل في الجيش وعطف عليهم عطفًا مستمرًّا، فأثار بذلك حَسَدَ العناصر الأُخرى في الجيش، فتمردتِ الكتائب الرومانية في بريطانية ونادت في السنة ٣٨٣ بمكسيموس أحد النبلاء الأسبان إمبراطورًا، وحذت حذوها كتائبُ الجيش في ألمانيا، ونزل مكسيموس بجُنُوده عند مصب الرين، فنهض غراتيانوس إليه وتَلَاقَى الجيشان في منطقة باريز، ولكن عساكر الإمبراطور خانت سيدها، ففر غراتيانوس في ثلاثمائة فارس، ولحق به فرسانُ مكسيموس فأدركوه في ليون وقتلوه في الخامس عشر من آب سنة ٣٨٣.

ثم أرسل مكسيموس يستدعي إليه والنتنيانوس الثاني أخا غراتيانوس الأصغر، معترفًا بحقه بالملك مدعيًا الحكم بحق الوصاية على الأمير القاصر، فأما ثيودوسيوس فحين أَتَتْهُ هذه الأنباءُ أَسْرَعَ في السنة ٣٨٤ إلى إيطالية لينظر في الأمر، وظن الناس أنه إنما قام ليحارب

  1. Goebel, R., De Ioannis Chrysostomi et Libanu Orationibis, Gottingen, 1910.
٩٨