صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أرسل الهدايا الحرير والحجارة الكريمة والفيلة، ولكن حدث بعد هذا بقليل أن زحفت جيوش شابور الثالث على أرمينية ففر ملكها أَرشاك الرابع إلى ثيودوسيوس مستجيرًا، ولكن ثيودوسيوس كان في أمسِّ الحاجة إلى السلم؛ نظرًا لاضطراب الموقف في الغرب واغتيال غراتيانوس، ففاوض شابور في اقتسام أرمينية بينهما، فتَمَّ ذلك في السنة ٣٨٦ بموجب خطٍّ فاصلٍ امتد من ديار بكر (آمد) حتى أرضروم (ثيودوسيوبوليس)، وهكذا ضم ثيودوسيوس ما قارب من خمُس أرمينية إلى ملكه، وفي بعض المراجع أنه جرى مثل هذا الاقتسام في ما بين النهرين ولكنه قول ضعيف1.

ضجة في أنطاكية وبيروت:وتلطخت إدارة ثيودوسيوس بالرشوة، وكتب ليبانيوس الفيلسوف الأنطاكي إلى الإمبراطور يقول: «حكامك الذين تبعثُهُم إلى الولايات ليسوا سوى قتلة.» وتفاقمتْ أزمة مجالس الشيوخ في المُدُن، وفَرَّ الشيوخ واختبئوا، واضطر الإمبراطور أن يحدَّ من نفوذ بعض الشخصيات الإقليمية، ثم جاءت السنة ٣٨٧ فشرعت الحكومة المركزية تتهيأ للاحتفال بمرور عشر سنوات على حُكم الإمبراطور2، فزادت الضرائب المفروضة، لكنها ما كادت تعلن عزمها على الجباية حتى لجأ الأنطاكيون إلى العنف، فاقتلعوا تماثيلَ الأباطرة وجَرُّوها في شوارع المدينة، وأحرقوا بعضَ الأبنية، وعلى الرغم من إعادة النظام في اليوم نفسه فإن عددًا كبيرًا من الأغنياء فَرُّوا واستتروا، وخشي الناس سطوةَ ثيودوسيوس وقسوته وظَنُّوا أنه سيخرب المدينة، وتحركتْ بيروت فأعلنت ولاءها لمكسيموس في الغرب، وحذت حذوها الإسكندرية، وانبرى

  1. Procopius, Aed. III, I, 245-246; Chapot, Frontière de l’Euph., 347–361.
  2. decennalia.
٩٧