صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/100

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

مكسيموس وليعيد الحق إلى نصابه، ولكنه أبرم مع المغتصب صلحًا أعرج، فجعل مكسيموس أوغوسطًا ثالثًا مشترطًا عليه إبقاءَ إيطالية بيد الإمبراطور القاصر ووالدته يوستينة، ولكن مكسيموس نكث بالشرط وزحف على إيطالية في السنة ٣٨٧، ففرَّ والنتنيانوس الثاني إلى الشرق واستقرَّ في ثيسالونيكية، فزحف ثيودوسيوس في صيف السنة ٣٨٨ بجيشه إلى حدود إيطالية وحارب مكسيموس وانتصر عليه، فاستسلم مكسيموس في أكويلية ولكن ثيودوسيوس أحاله إلى الجند فقتلوه، وقام هو إلى ميلان وأقام فيها سنتين، وسيَّر والنتنيانوس الثاني إلى غالية ليدبر أمورها.

فلما كانت السنة ٣٩٢ قام والنتنيانوس هذا إلى فيينة ليصد هجومًا بربريًّا قويًّا، فقُتل فيها على قول إحدى الروايات وانتحر على قول غيرها فاختار قائد العساكر خطيبًا غاليًّا اسمه أوجانيوس وأعلنه إمبراطورًا في ليون، وانتقل هذا الإمبراطور في ربيع السنة ٣٩٣ إلى إيطالية فأقام فيها، فألحت غلَّة زوجة ثيودوسيوس الثانية وأخت ولنتنيانوس بوجوب الاقتصاص من أوجانيوس؛ لأنها اتهمتْه بمقتل أخيها، فنهض ثيودوسيوس إليه في صيف السنة ٣٩٤، وانتصر عليه في مداخل إيطالية الشمالية وأمر بقتله فقتل في جواقيلان، وهكذا أصبح ثيودوسيوس هو الحاكمَ الفرد في الإمبراطورية.

الوثنية تُشرِف على التلف: وفي الوقت الذي كان فيه ثيودوسيوس يضطهد الهرطقة والخروجَ على العقيدة الأرثوذكسية الكاثوليكية؛ كان يضيِّق الخناق على الوثنية ليخمد أنفاسها، فأبطل زيارة الهياكل وذبح الذبائح والعيافة بأكباد الحيوانات وأحشائها، وأَدَّى هذا — بطبيعة الحال — إلى إغلاق الكثير من الهياكل وإلى اقتحام الجماهير بعضها؛ لنهبها وتدميرها. ثم عاد فمنع في السنة ٣٩١ الذبائح وزيارة الهياكل وتكريم التماثيل، وفرض غراماتٍ ثقيلةً على الحكام والموظفين الذين يقترفون مثل هذه الذنوب، وأمر بإخراج مذبح آلهة النصر من بهو مجلس الشيوخ في رومة، وكان

٩٩