وكان للكاهن او احد المتقدمين بينهم يفسر هذه النبوءات على ضوء الدين والخلاص. وقبيل انتهاء القرن الثاني اتخذت العبادة المسيحية شكلًا منظماً مع ما في ذلك القراءات والصلوات والذبيحة الالهية. وبقي هذا النظام معمولًا به على سبيل العرف حتى صاغه القديس باسيليوس الكبير (٣٢٩–٣٧٩) والقديس يوحنا الذهبي الفم (٣٤٧–٤٠٧)، فتبلور واخذ شكله الحالي. وثمة خدمة خاصة بيومي الاربعاء والجمعة في اثناء الصوم يعود الفضل في اعدادها الى القديس غريغوريوس الذيالوغوس (٣٤٠–٤٠٠). ونجد المسيحيين الاولين يقولون بالاسرار الثلاثة: المعمودية والتناول والكهنوت، فالسبعة: المعمودية والمسحة والتناول والتوبة والكهنوت والزيجة والزيت المقدس. وعني المسيحيون الاولون بالموتى لانهم قالوا بقيامة الجسد فمارسوا طقوساً معينة لهذه الغاية وتولى الاكليروس الدفن باشراف منهم.
ولا يختلف اثنان فيما نعلم ان المسيحيين الاولين كانوا مثال التقوى والصلاح، وان الايمان بالمسيح وبقرب عودته ليدين الاحياء والاموات كان اعمق اثراً في نفوس اهل ذلك العصر من الايمان بالآلهة القديمة، وان الرسل بلغوا النجاح حيث اخفق كبار الفلاسفة. ومما يجدر ذكره بهذه المناسبة ان الآباء المؤسسين حرّموا الاجهاض وقتل الاطفال. وانهم لموا اللقطاء وعمّدوهم باسم الرب وربوهم على نفقة الكنيسة. وانهم حضوا المؤمنين على العفة والبتولية واساغوا الزواج لمن خشي العنت فقط. وانهم لم يرضوا عن زواج الارامل ولم يأذنوا بالطلاق الا بين الوثني والنصرانية. ومما يثبت استقامة المسيحيين الاولين وصلاحهم شهادات الوثنيين انفسهم. فبلينيوس الاصغر وجد نفسه مضطراً ان يقول للامبراطور تريانوس ان المسيحيين عاشوا عيشة مثلية مسالمة. وقال غاليانوس العالم انهم توصلوا الى درجة من ضبط النفس وسمو الاخلاق اصبحوا بعدها لا يقلون عن الفلاسفة الحقيقيين في شيء. وادى الشعور بينهم بالخطيئة وبقرب انتهاء العالم ومجيء