الديان الى رغبة في الطهارة والى اجتناب كل لذة من لذات الجسد. فكبحوا شهواتهم بالصوم ورياضة الجسم على العذاب، وصدفوا عن الموسيقى والمآكل الشهية والحمامات الساخنة، وارسلوا الشعور واللحى.
آثار المسيحيين الأولين : وحدَّث السيد ولم يدوّن. وآثر المسيحيون الاولون السماع على القراءَة، ولا عجب. بيد ان ظروف التبشير قضت بالتدوين. فالمؤمنون تفرقوا منذ السنين الاولى وتباعدوا. واليونانيون وغيرهم ممن دخل في الدين الجديد لم يكونوا يفهمون الآرامية. فكان لا بد من التدوين. واقدم ما دوّن انجيل متى. والانجيل لفظ يوناني معناه البشرى. ومتى عشَّار يهودي تبع السيد واصبح احد الرسل الاثني عشر. ويستدل من اقوال بعض الآباء كايريناوس ولا سيما بابياس (١٣٠) ان متى تولى تبشير اليهود، فكتب انجيله لهم بالآرامية، وذلك بينما كان بطرس وبولس يعملان في رومة (٥٠–٥٥). وفي تضاعيف هذا الانجيل ما يدل على انه كتب لليهود. فهناك سند طويل يصل نسب السيد بداود الملك، وثمة تفاصيل تجعل من سيرة السيد تكملة لنبوءات التوراة وما الى ذلك. وقد ضاع الاصل الآرامي وبقيت ترجمته الى اليونانية.
وكان بطرس يجهل اليونانية ولا يعرف سوى الآرامية. فلما قضت الظروف بذهابه الى رومة وباقامته فيها استدعى اليه يوحنا الذي كان يدعي مرقس ليترجم له بين الرومانيين وسكان رومة. ومرقس هذا هو في الارجح ابن مريم التي آوت المسيحيين في بيتها في القدس في السنة ٤٤ بعد الميلاد. وقد يكون هو الذي اشير اليه في الاصحاح الخامس عشر من انجيل مرقس: «وتبعه شاب لابساً ازاراً على عريه فامسكه الشبان. فترك الازار وهرب منهم عريان.» وكان مرقس من يهود قبرص يتكلم اليونانية ويقرأ ويكتب فالتحق ببرنابا وبولس. وبعد وفاة الاول أنتقل الى رومة ليعمل مع هامة الرسل. ودوَّن سيرة السيد بطلب من اهل