الفلاحة والزراعة، بل كانوا يؤثرون رعاية المواشي وتربيتها. وكانوا يجهلون الكتابة تماماً ولا يتعاطون التجارة الا قليلاً. وكانوا اقوياء البنية ذوي بأس وجلد يميلون إلى الحرب والغزو والنهب ويتنقلون من مكان إلى آخر يتبعهم نساؤهم واولادهم في مركبات ضخمة. وكانوا يجيدون ركوب الخيل ويعتنون بها عناية فائقة.
وكانت رومة قد جعلت من الرين والدانوب وما بينهما حدوداً فاصلة بينها وبين هذه القبائل وحصنت هذه الحدود واقامت عليها فرقاً تحميها، لكن هذا كله لم يمنع تسرب جماعات من الجرمان الى داخل حدود الامبراطورية. واغوسطوس نفسه كان قد اذن لبعض هؤلاء بالبقاء داخل الحدود. وكان يوليوس قيصر من قبله قد ادخل الجرمان في خدمة الجيش لا سيما فرق الخيالة. وكان قد ادى التقهقر الاقتصادي وقلة اليد العاملة الى قبول بعض العناصر الجرمانية في المزارع الكبيرة كما ادى ضعف الحكم عموماً الى التساهل مع بعض القبائل الجرمانية تدخل برمتها البلاد ويستخدم رجالها في الجيش جنوداً مرتزقة.
وفي اوائل القرن الثالث بعد الميلاد كانت قبيلة الافرنج لا تزال مرابطة عند ضفاف الرين الاسفل، ووراءَها الى الشرق قبيلة السكسون فالسويفي فالفندال وجميعها في شمال المانية. وكانت قبائل الالماني مرابطة بين الدانوب والرين الاعلى. وكانت قبائل القوط قد نزحت عن البلدان الاسكندنافية منذ نهاية القرن الثاني بعد الميلاد وحلت ضيوفاً ثقيلة على الالاني والسرامطة في جنوب روسية. فأقام القوط الشرقيون بين نهري الدنيبر والدنيستر والقوط الغربيون في ما نسميه اليوم رومانية والمجر. وادى ضعف الدولة الرومانية واضطراب احوالها الى تيقظ هذه القبائل واشتداد طمعها. فحاول بعضها قطع الحدود الرومانية فزادوا الامبراطورية بعملهم هذا انهماكاً وتعباً وتقهقراً.