وفي ربيع السنة ٢٦٧ بعد الميلاد احتشد عدد غفير من القوط وغيرهم من قبائل الدانوب وجنوبي روسية عند مصب نهر الدنيستر. فأبحر بعضهم على متن بضعة آلاف مركب صغير واتجهوا جنوباً ولحق بهم الباقون براً. ونزل بعض المبحرين منهم في بيثينية وتوغلوا في آسية الصغرى، وتابع الباقون سفرهم البحري فدخلوا البوسفور وحاولوا اقتحام بيزنطة لكنهم لم يفلحوا فاستأنفوا رحلتهم الى بحر ايجه فغزوا ثيسالونيكية وكسندرية وسائر سواحل اليونان، وبلغ بعضهم إلى كريت ورودوس وقبرص. فتصدى لهم بروبوس حاكم مصر عند بامفيلية بما جمع من سفن رومانية وردهم على اعقابهم. وفعل مثل هذا أُذينة العربي في آسية الصغرى. وهب الامبراطور كلوديوس إلى محاربتهم في البلقان فسجل انتصاراً كبيراً بالقرب من نيش وقتل منهم خمسين الفاً وطارد الباقين عبر مقدونية فهلك بعضهم بالطاعون ودخل الباقون في خدمة الجيش الروماني. ونال كلوديوس بحق لقب «قاهر القوط»،1 وتعددتْ هذه الهجمات البربرية وتعاقبتْ طوال هذا القرن.
الافلاطونية الجديدة: وأدى تقهقر رومة الداخلي الى نزعات جديدة في الفكر. فدفعت الفوضى والحروب والاوبئة وما تبعها بعضَ رجال الفكر الى الابتعاد عن هذا العالم الفاني والتأمل في عالم ازلي ملؤه الخير والجمال. فعكف عدد من رجال الفلسفة على فيثاغورس زاهدين ورعين مستوحين قائلين بالسحر والعرافة جاعلين من بعض حلقاتهم انتداءات سحرية. فظهرت فيثاغورية جديدة قال بها فلاسفة في الشرق والغرب معاً.
ودعا آخرون الى أَفلاطون ووجدوا في كتابه الطيماوس Timaeus قوتاً قامت به أنفسهم فانتعشت. فأكدوا قوله بالواحد الاوحد. وقالوا
- ↑ Gothicus Maximus