أصبحوا جميعًا من القوط1.
وكان يتلو غايناس في القوة والنفوذ والأهمية الخصي إفتروبيوس، فإنه جمع حواليه كل مُغامر ومُداهن مِن أصحابِ المصالحِ الكُبرى، الذين اتجروا بكل شيء وتَمَلَّقُوا كُلَّ صاحبِ نفوذٍ؛ إشباعًا لمطامعهم، وأصبحت سياسة العاصمة في أيام أركاديوس الأولى تطاحنًا مستمرًّا بين غايناس القوطي وأفتروبيوس الخصي؛ للحصول على النفوذ، أو الوصول إلى السلطة، أو الاحتفاظ بها.
ويُستدل من بعض المصادر أن كثيرًا من الشيوخ والوزراء ورجال الإكليروس لم يَرْضَوْا عن هذا ولا عن ذاك، فتضامنوا في سبيل المُحافظة على رومانيَّة الدولة والحيلولة دون وُصُول الألمان البرابرة إلى الحكم، ولم يروا في افتروبيوس ذاك الوطنيَّ المخلصَ، فالتفوا حول المدبِّر أوريليانوس2، وأجمل ما بقي مِنْ آثار هذه اليقظة الوطنية الرومانية رسالةٌ وضعها الأسقفُ سيناسيوس القيروني ووَجَّهَها إلى الإمبراطور، وأسماها «قوة الإمبراطور»، وكان سيناسيوس قد زار القسطنطينية في السنة ٣٩٩، ولبث فيها ثلاث سنوات، فجاءتْ رسالتُهُ خيرَ معين على فهم أوريليانوس وموقفه هو وجماعته من سياسة ذلك العصر، وتلخص هذه الرسالة بوجوب مراقبة الألمان البرابرة والاستعداد لمجابهتهم؛ لأنهم سيستغلون أتفه الأعذار لتقلد الأحكام، ولذا يجب على الإمبراطور أن يزيح الأجانب عن المناصب الهامة وأن ينزع عنهم عضويةَ مجلس الشيوخ، وعليه أيضًا أن يطهر الجيش وأن يزيد عدد الوطنيين فيه ثم يفرض أمره على هؤلاء البرابرة3.