ثورة القوط في فريجية: وكان الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير قد أسكن جماعات من القوط الشرقيين مقاطعات معينة في فريجية في آسية الصغرى، فلما اشتد الاحتكاك بين غايناس وبين أفتروبيوس، أَوْعَزَ القائدُ القوطي إلى هؤلاء بالتعرُّض للسكان الآمنين وإحداث الشغب، ففعلوا، فأنفذ الإمبراطور غايناس نفسه لإخماد هذه الحركة، وما إِنْ وصل غايناس إلى مناطقِ الاضطرابِ حتى تَفَاهَمَ مع قائد القوط الشرقيين ووجَّه — بالتضامن معه — خطابًا إلى الإمبراطور يطلب فيه إخراج افتروبيوس من وظيفته وتسليمه إليه، فاضطرب أركاديوس وخشي سُوءَ العاقبة فأبعد افتروبيوس عن العاصمة (٣٩٩)، ولكن الزعيمَين القوطيين لم يَكتفيا بهذا بل أصرَّا على إعادة افتروبيوس إلى العاصمة ومحاكمته وإعدامه، وبعد أن تمَّ لهما هذا طَلَبَا إلى الإمبراطور أن يكرِّس إحدى كنائس العاصمة للصلاة بحسب المذهب الآريوسي، فاحتج يوحنا الذهبي الفم أسقف العاصمة احتجاجًا قويًّا، فتراجع غايناس عن هذا الطلب؛ لعلمه أن الجماهير في العاصمة وخارجها تؤيد الذهبي الفم.
سقوط غايناس وانتهاء مشكلة القوط: وخشي الوطنيون الرومانيون مطامعَ غايناس وراعهم الأمرُ فتأهبوا وتَهَيَّئُوا، وعاهدوا قوطيًّا آخرَ اسمه فرافيتة وعقدوا معه عقدًا؛ لِمَا لمسوا فيه من الإخلاص والمحبة للإمبراطور والولاء للإمبراطورية. ولدى خروج غايناس من العاصمة في أوائل السنة ٤٠٠ هجم الوطنيون على مَن تَبَقَّى من عساكره في داخل المدينة وقتلوهم، فثارت ثائرة غايناس وجمع جموعه ونهب تراقية وهَمَّ بالعبور منها إلى آسية الصغرى، ولكن فرافيتة انتصر عليه وصده عن اجتياز المضايق، ففر غايناس عبر الدانوب، فوقع أسيرًا بيد ملك من ملوك الهون أمر بقتله، فقُتل في كانون الأول من السنة ٤٠٠، وكافأ أركاديوس فرافيتة فجعله قنصلًا، وانتهتْ مشاكلُ القوط بسقوط غايناس، واعتبر أركاديوس