صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/111

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

إلى الشرق ووصل إلى ثسالية وأرسل جيش أركاديوس بقيادة غايناس القوطي إلى القسطنطينية، ولم يبادرْ إلى طَرْدِ ألاريكوس من بلاد اليونان قبل التخلُّص من روفينوس مدبِّر أركاديوس وخصمه اللدود، ونفذت المؤامرة بينه وبين غايناس وقتل روفينوس في تشرين الثاني من السنة ٣٩٦. وجاء استيليكون ثانية إلى اليونان في ربيع السنة ٣٩٧، وكان بإمكانه أن يُطْبِقَ بقواته على ألاريكوس ولكنه لم يفعل، فاغتاظ أركاديوس وتَقَبَّلَ رأيَ وزيره إفترومبيوس الخصي، فصالح القوط؛ ليتمكن من معاقَبة استيليكون والانتقام منه، فرفع ألاريكوس إلى رُتبة قائدٍ في الجيش، وأَقْطَعَ القوط الغربيين أراضيَ جديدة، واختار لهم الجُزْءَ الشمالي من إيليرية؛ ليتجهوا بغزواتهم شطر إيطالية بلاد استيليكون.

قوط القسطنطينية:واتجه القوطُ رجالُ ألاريكوس شطر إيطالية، ولم يعودوا إلى إزعاج أركاديوس، ولكن مشكلةً قوطيةً أُخرى بقيتْ تنتظر الحل، فإن ثيودوسيوس الكبير كان قد أدخل إلى صفوف الجيش عددًا كبيرًا من هؤلاء القوط ولا سيما في سلاح الخيالة. وكان بعضُهُم قد خدم الجيش بإخلاصٍ وأَبْلَى البلاءَ الحسن في ميادين القتال، فرقي من رتبة إلى رتبة. وكان بين هؤلاء في هذه الفترة التي نحن بصددها غايناس القوطي أحد كبار القادة في جيش الإمبراطور. وكان غايناس هذا يهتم بشئون القوط أبناء جنسه ويُصغي إلى شكاويهم. فَالْتَفَّ حوله عددٌ لا يُستهان به من الجُند والمدنيين، فإذا هو في أوائل عهد أركاديوس أحد زعماء السياسة في العاصمة. ولم يكن عددُ القُوط المدنيين في العاصمة قليلًا. فسيناسيوس المؤرخ المعاصر يقول: إنه لم يكن بيتٌ مِن بُيُوت العاصمة يخلو من خادم قوطي وإن البنَّائين والسقَّائين والعَتَّالين؛ كانوا قد

١١٠