مار مارون: (؟–٤١٠) وآثر المؤمنون في سورية ولبنان وفلسطين الترهب الفردي على الجمَّاعي، فتركوا المدن والقرى وانتثروا في السهول والوديان وعلى قِمم التلال يتأملون ويبتهلون ويعملون، وكان من أشهر هؤلاء في القرن الرابع مار مارون، ولا نعرف بالضبط سَنَةَ ولادته ولا المكان الذي وُلد فيه ولا محل تنسكه، ولكننا نعلم علم اليقين أنه عاش وعمل في سورية الشمالية في النصف الثاني من القرن الرابع. ويرى الأب لامنس اليسوعيُّ أن مار مارون عاش ومات في القورسيَّة، وقورس عاصمة منطقة القورسيَّة كانت تقع على مسيرة يومين من أنطاكية وعلى نحو سبعين كيلومترًا من حلب إلى شماليها الغربي، ويميل المطران بطرس ديب إلى القول بأن مار مارون تنسك على جبل في منطقة أبامية «قلعة المضيق» من سورية الثانية.
وأقدم ما نعود إليه في تاريخ مار مارون رسالة وجهها إليه يوحنا الذهبي الفم من منفاه في مدينة كوكيسوس في جبال طوروس في السنة ٤٠٤ أو ٤٠٥، وهي الرسالةُ السادسةُ والثلاثون من رسائل هذا القديس1، وفيها مودة ومحبة واستفسار عن الصحة والسلامة ورجاء إلى مار مارون أن يصلي من أجل الذهبي الفم، فلا شائبة إذن تشوبُ عقيدة مار مارون، وهو بالتالي أرثوذكسي كاثوليكي نيقاوي.
وأنفعُ المراجع الأولية ما جاء عن مار مارون في تاريخ التنسك والنساك لثيودوريطس أسقف قورس (٤٢٣–٤٥٨) الذي وُلد في أنطاكية قبل وفاة مار مارون بسبع عشرة سنة (٣٩٣) وعرف يعقوب الناسك أشهر تلاميذ مار مارون2.