باسيليوس الكبير: (٣٢٩–٣٧٩) وشاع أمرُ الترهُّب في فلسطين وسورية ولبنان، ثم في آسية الصغرى، وأشهر من قال به في هذه الأقطار وأشدهم تأثيرًا وأكثرهم أتباعًا؛ باسيليوس الكبير أسقف قيصرية قبدوقية، وكان قد بدأ الترهُّب في بلاده فشغف به وزار سورية ولبنان وفلسطين ومصر في السنة ٣٥٧، وتفقد شئون الرهبان والنساك فيها فأعجبه نظام باخوميوس، فَلَمَّا عاد إلى آسية الصغرى وكانت السنة ٣٦٠ عزم على التَّرَهُّب فاختار البونط وأنشأ فيه ديرًا بالقُرْب من قيصرية الجديدة، فوضع نظام الرهبانية الباسيلية وأَصَرَّ فيها على الطاعة زيادةً على الفقر والعفة، واشتهر أتباعُهُ بأعمالهم الزراعية وباهتمامهم بتربية اليتامى وتعليم الصبيان.
وكان باسيليوس الكبير قد تلقى الفلسفة والكتابة والخطابة على يد ليبانيوس الفيلسوف الأنطاكي وفي الإسكندرية وآثينة، وجمع إلى ذلك ذكاءَ الفؤاد وقوة الحجة وفصاحة الكلام، وكان قد رافق غريغوريوس الثاولوغوس في سني الدارسة وأَحَبَّهُ، فنشأتْ بينهما صداقةٌ قويةٌ، تعاونا فيها على خدمة الكنيسة، ووافق عصره أن كانت الأرثوذكسية مضطهدة فانتصر لها قولًا وكتابةً وألف رسائل عدة لا يزال معظمُها معروفًا، ولا نزال حتى يومنا هذا نُردد كلماته وأفكاره في خدمة القداس في آحاد الصوم الكبير ويومي الخميس والسبت العظيمين وفي بارامون الميلاد وبارامون الظهور الإلهي، وفي يوم عيده الخامس من كانون الثاني.
وقد كان لهذا كله أثرٌ كبيرٌ في نفوس المؤمنين فكَثُرَ الإقبالُ على الترهُّب، وشاعت طريقة باسيليوس في جميع الأقطار الشرقية، وفي اليونان والبلقان وروسية1.
- ↑ Clarke, W. K. L. St. Basil the Great; Murphy, Sister, St. Basil and Monasticism.