صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وهذه الآيات تقرر حقيقة التفاوت بين الناس أنبياء وعلماء ومجاهدين وعاملين ، غير منظور فيها إلى الوجهة المالية خاصة ، بل منظور فيها إلى الواقع الذي لا معدى عنه في حالة من حالات الحياة الإنسانية على التخصيص ، ولا معنى لتقرير هذه الحقيقة في جميع الجوانب وإنكارها في جانب الكسب والرزق، وهو جانب لايخرج عن سنن الطبيعة ولا تبطله الشرائع كائناً ما كان أساسها الذي تقوم عليه ، ولهذا قررتها ديمقراطية الإسلام أيضاً ، وجاءت في الكتاب العزيز آيات من قبيل ما تقدم تنص على الفوارق بين الناس في المساعي والمكاسب والأرزاق « والله فضل بعضكم على بعض في الرزق » « نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فرق بعض درجات » . ا ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض » . )

ويجوز أن تستريح فئة من الناس إلى محو هذه الفوارق إن استطاعت محوها ، ولكنها الفئة التي لا أمل فيها ولا خير فيها ، فلا ترجو الخير لنفسها ولا تحبه لغيرها . أما من يرجو خيراً من عمله واجتهاده فهو أول مغبون بمحوها وإبطال آثارها ، وقد يكون الفقير المجتهد أحد المغبونين بما يضيع عليه من ثمرة اجتهاده وإغلاق باب الرجاء في وجهه ، لأن الفقير يغنى والغنى يفتقر ، ولم يزل غنى الأغنياء وفقر الفقراء دواليك