صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/90

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

AT الواحد دليل على التقدم وتعدد المزايا والملكات، وكلما تشابه أفراد النوع كان ذلك دليلا على الهبوط والإسفاف ، كما يشاهد في التشابه بين الحشرات الدنيا والاختلاف بين الأحياء العليا من جميع الأنواع ولا سما الإنسان . $ وإذا كان الناس متفاوتين بحكم الطبيعة والاجتماع ، فمن الظلم البين أن تسوى بينهم وأن تجعل المتقدم منهم كالمتخلف والعامل منهم كمن لا يعمل ولا يحسن العمل ، ومن المسخ للطبائع أن تحرم الفاضل ثمرة فضله وتؤمن الكسلان والبليد على عاقبة كسله وبلادته ، فلا إنصاف لذي كفاءة في هذه المساواة ، ولا فائدة لعاجز فيها ، لأن العاجز لا يسلم من عجزه باختياره ، وكل مانجنيه من هذا الإجحاف تعجيز الأكفاء وتثبيط العاملين فالديمقراطية لا تناقض الطبيعة ولا تلزمنا أن نمسخها ونمحو الفوارق التي لا تستقيم الحياة بغيرها ، وكل ما توجبه الديمقراطية أن يتساوى الناس في عدل القانون وألا تكون الفوارق بينهم سبباً لاستغلال الأقوياء عمل الضعفاء أو لاغتصاب المالكين حق المحرومين . أما الفوارق التي يجيء بها فضل الفاضل وجهد المجتهد وأمانة الأمين وهية الحمام فلا يزيلها من الحياة الإنسانية إلا عدو لبني الإنسان والمجتمع الديمقراطي الصحيح هو المجتمع الذي لا استغلال فيه ولا قدرة للأغنياء على حرمان الفقراء ، وهذا هو نظام الاقتصاد الذي يحسن بالديمقراطية وينبغي أن نترقى في تقريره وتثبيته واتخاذه أساساً لكل نظام .