صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/38

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

القديم في الأمم التي حفظت تاريخها بالتلقين والإسناد ، ولكننا نثبتها ونعول عليها لأن الفكرة هنا أبلغ من الخبر . وأصدق من وثائق الأوراق ، فلو لم تكن فكرتهم الغالية عن الحكم أنه عزة وخيلاء لا تكملان لصاحبهما . بغير إذلال الأعزاء وتمحل الذرائع للعتو والإيذاء ، لما تواترت أنباء الملوك على هذه الوتيرة في كل ما جاءنا من أخبار الجزيرة القديمة من قبيل القصة أو التاريخ . على أن وصفاً من الأوصاف هنا ، واسماً الأسماء هناك ، قد يكشفان من الحقائق ما يقصر عنه التاريخ كما تقصر عنه القصة ، فمن أسمائهم اسم « ظالم » وحامله الأشهر ظالم المرى أبو الحارث الشائعة الذي أطلق فتنة القبائل في يوم رحرحان ومن معايبهم كما قال النجاشي في هجاء قوم إنهم يعجزون عن الظلم : قساته لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل ومن مفاخر ملوكهم أنهم مرهوبون مخوفون ، فكان النعمان يعجب بقول النابغة في الاعتذار إليه : وهل على" بأن أخشاه من عار؟ وعيرتني بنو ذبيان خشيته ولا نهاية لأمثال هذه الصفات وأمثال تلك الأسماء . ومن الجائز أن يخطر على البال في هذا السياق أن معظم من ذكرناهم من الطغاة ساءت عقباهم وثار عليهم أعداؤهم ونظراؤهم ، ولكنها على التحقيق ثورة النزاع على العزة وليست ثورة الدفاع عن الحرية وحقوق