صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۳۵ أو الرعية ، فلم يكن بين الغالب والمغلوب خلاف في شرعة الحكم حق الحاكم أو معنى العزة التي يستطيل بها المتنافسون ، وليس أبعد من الفرق بين ثائر على الحاكم لأنه يدعى مثل عزه وطغيانه وثائر عليه لأنه ينكر فعاله ولا يؤمن بحقه في السيطرة والجبروت ، فغاية الأمر أنه نزاع بين أعزاء لا رأى فيه للأتباع والأولياء ، بل لعلهم كانوا يفخرون بغضب الغاضب الذي يخف إليه أتباعه وأولياؤه ولا يسألونه فهم غضب . ومن قبيل ذلك ما يقال عن مالك بن مسمع ومن كثيرين غيره من سادة العرب . فقد سأل عبد الملك بن مروان روحاً بن زنباع عن مبلغ عزه فقال : لو غضب مالك لغضب معه مائة ألف سيف لا يسأله واحد منهم لم غضبت ! فقال عبد الملاك : هذا والله السؤدد ! أما إذا تركنا جانب الحكم إلى جانب المقامات الاجتماعية فلا نحسب أن التفاوت بين ترف الأغنياء وشظف الفقراء قد بلغ في مجتمع قط فوق مبلغه في المجتمعات العربية ، ولم يكن التفاوت مقصوراً على ترف المعيشة وشظفها ، بل كان شاملا ً لمقام الرجل وقيمة رأيه بين خاصة قومه وعامتهم ، وفى كلام عروة بن الورد مثل من أمثلة لا تحصى من هذا القبيل حيث يقول : رأيت الناس شرهم الفقير ذريني للغنى أسعى فإني وأهونهم وأحقرهم لديهم ويقصى في الندى وتزدريه وإن أمسى له نسب وخير حليلته وينهره الصغير و يلفى ذو الغنى وله جلال يكاد فؤاد صاحبه يطير