صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أولئك الملايين في ذلك الزمن الطويل . فأي عنصر من هذه العناصر يحمله العالم إلى معمله لتحليله وتعليله ؟ وكيف يحلالها جملة ويعللها جملة ويخرج منها جاهلا ً بالقوة الشاملة في هذه الحقيقة الحية ؟ وكيف يستطيع أن يزيفها وليس في جواهر الحقائق العيانية ماهو أثبت منها وأعصى على التزييف ؟ قلنا في فصل من هذه الرسالة : إن طريقة الوجدان في تحصيل الحقائق تثبت تلك الحقائق ولا تبطلها ، وإننا لو تأملنا حقائق الحس نفسه لوجدنا لها أسلوباً يخالف تعبير العلماء في الوصف والتعليل ، فنحن نسمع كلمات لها وقع في النفس ، والعلم لا يعرف من هذه الكلمات إلا أمواج الهواء أو الفضاء ، ونحن نذكر اللون الأحمر واللون الأزرق واللون الأخضر وغيرها من الألوان الخالصة أو الممزوجة ، والعالم لا يعرف منها إلا ذبذبة شعاع ، ثم لا يعرف ما هي هذه الذبذبة وأين يكون مجراها من الأثير أو الفضاء على التحقيق . بأسلوب الحس كأسلوب الوجدان إذا أراد العلم أن يحكم على أسلوب الدلالة في الحالتين ، فليست صور الوجدان باطلة لأن العلم لا يصفها بوصفها ، وليست ألوان النظر باطلة لأن وصفها في العلم الطبيعي غير وصفها في الأحداق والرؤوس . - . فإذا ادعى مدع أنه ينظر بعين العلم ولم ينظر إلى عقائد الوجدان في النفوس وفي الأمم وفى أطوار التاريخ كما ينبغي لها أن تنظر ، وكما هي في الواقع حقيقة حية شاملة نامية متطورة ، فهو مضلل في نظره