صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وللمؤرخين آراء مختلفة في اول من غرس النخل بالبصرة فادعي البعض : بأنه كان موجوداً فيها قبل مجيء العرب اليها وتأسيسها على أيديهم، مستدلين على ذلك بأن جيش عتبة بن غزوان الذي بناها كان يأكل التمر ويتم به غذاءه عند نزوله ارضها . وقال الآخرون : بأن النخل كان موجوداً في بقاع متفرقة من أراضي العراق الجنوبية قبل الفتح الإسلامي لها ؛ فلما بنيت البصرة، وتوزعت المقاطعات فيها بين بناتها نقلوا فسائل النخيل

اليها من البقاع المجاورة وعنوا بغرسها وقيل إن أول من بدأ بغرسها هو ابو بكرة « نفيع بن الحارث بن كلدة » اخو زياد بن ابيـه من امه وهو الذي علم الناس أصول زرعها، وكيفية العناية بها، وكري الأنهار حولها ؛ فكثر ريعها وحسنت أنواعها، وبلغت جودة تمرها حداً قال فيه هارون الرشيد « نظرنا، فاذا كل ذهب وفضة على وجه الأرض لا يبلغ ثمن مخل البصرة١»

وعرفت البصرة بثروتها الحيوانية أيضـاً، وفي مقدمتها الأسماك على أنواعها، من نهري يعيش في شط العرب الواسع الجنبات، وبحري يأوي الى الخليج الفارسي من عرض المحيطات وقد عنيت طبقة كبيرة من البصريين بصيده، فجعلوا له مناطق خاصة يقصدها الصيادون في المواسم ؛ وفرضت الحكومة على صيده ضريبة معينة تتقاضاها على الحاصل، وعينت له المراقبين والجباة ٢

وكانت الحيوانات البرية كثيرة فيها وفي أطرافها ؛ ومنها الأهلي الأليف الذي عني العرب بتربيته كالخيول والجمال والبغال والحمير البيض النادرة

والأغنام، ومنها الوحشي النافر كالظباء والأرانب والثعالب ؛ وحتى الذئاب


  1. معجم البلدان : كلمة البصرة .
  2. ابن خلكان : ج ۲ ص .٣٤٥
– ١١ –