صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

و بقي المسجد الجامع موضع عناية الخلفاء والولاة المتعاقبين ؛ وصار يأخذ بالتوسع شيئا فشيئا بادخال بعض البيوت المجاورة، حتى كان عهد هارون الرشيد عام ( ١٧٠ هـ ) فأمر بضم دار الامارة كلها اليه، وتجديد ما تقادم من بنيانه، وتزيينه بآيات قرآنية كتبت على سقوفه وجدرانه بخط جميل والوان لطيفة زاهية

وعلى اثر اتساع العمران في مدينة البصرة، وتضخم عدد سكانها، وازدهار حركتها الاقتصادية، تناثر حولها كثير من الضواحي الجميلة بين الحقول الخضراء وبساتين النخيل والفواكه، على ضفاف شط العرب الكبير، وحول الجداول والقنوات المتشعبة منه ؛ و بنيت فيهـا القصور والبيوت، وأقيمت لها اسواق تجارية فرعية، يقصدها البصريون للنزهة أو المتاجرة والصيد والقنص وتفرع من جوانب المدينة إلى هذه الضواحي المتناثرة طرق او سكك يسمى كل منها باسم الضاحية التي تتصل به، كسكة « المربد » و « سفوان » «و»اأبلة » وغيرها

النهضة الاقتصادية

ورغم سوء مناخ البصرة في بعض المواسم، وارضها السبخة، فقد ازدهرت فيها الزراعة ازدهاراً عظيماً، وانتعشت بفضل موقعها على جانب الشط الذي ترتفع مياهه وتنخفض بمساعدة المد والجزر اللذين يحصلان يومياً في مياه الخليج الفارسي فاتسعت بساتينها واورفت، وتشققت فيها الترع والأنهار الصغيرة، وزرعت فيها انواع الفواكه والنار التي نقلت اليها من بلاد شبيهة لها بالمناخ والتربة ؛ فكثرت حاصلاتها من كل لون ؛ واشتهرت بجودة التمر وكثرة أصنافه التي عني بها البصريون عناية فائقة

– ١٤ –