صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/11

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اليومي ، وتتكون من خليط من تلك العناصر المختلطة عربية ونبطيـة ونوبية وخراسانية وهندية وغيرها على ان طبقة أخرى كانت تساكنها وتمتاز من غيرها بفقرها وبؤسها ، وجلها من المتسولين الأعراب الذين امحلت مواسمهم فجاؤوا ينتجعون العيش عن طريق الاستجداء والسؤال ، ومن فقراء القرى والأرياف المجاورة الذين يسمعون بخيرات البصرة ونعيمها فيقصدونها طلباً للعمل في سبيل الحياة

والظاهر ان البون في الثراء بين مختلف هذه الطبقات والأفراد كان شاسعاً ، كما كان الفرق بينها من ناحية المعيشة والسكنى والمظهر بينا واضحاً ؛ لذلك تبدت المدينة للرائي متناقضة في كل شيء حتى في جمال احيائهـا وطراز انشاء بيوتها ومواد عمرانها فمن قصور فخمة جميلة بنيت على طراز فارسي انيق تلفها حدائق مزهرة مثمرة غناء ، الى بيوت وجيهــــة المظهر والزخرف اقيمت بالآجر والجص ، الى أكواخ سورت بالطين والقصباء واغصان الشجر ، وخيام نسجت من الشعر واحيطت بالحطب والشوك وسعف النخيل

وكان المسجد الجامع ودار الأمارة قد بنيا ـ في اول الامر - بالقصباء والطين ؛ ثم جدد بناءهما بالآجر « أبو موسى الأشعري » في عهد عمر ابن الخطاب فلما تولى « زياد بن ابيه » شؤون البصرة أيام « معاوية ابن أبي سفيان » هدمها واقامهما ثانية بالجص ؛ وعني بالمسجد كل العناية ، فسقفه مخشب الساج المطرز ، وركزه على أعمدة دقيقة الصنع جميلة الزخرف ، ونقل منبره من وسط المصلى الى صدره ، وفرش ارضه بالحصى الناعم بعد ان كانت تربة تتعفر بها ثياب المصلين ؛ وفتح بينه و بين دار الأمارة بابا يدخله الوالي فيصعد إلى المنبر دون ان يتخطى رقاب الناس

– ۱۳ –