صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٥

التظلم انبثاق الضباب من خلايا الأودية ويتموج حول مسامعي ليوحي إليَّ الكلام.

وقفت ساكتًا ولو فهم الناس ما تقوله السكينة لكانوا أقرب إلى الآلهة منهم إلى كواسر الغاب.

وقفت متنهدًا ولو لامست شعلات تنهيداتي أشجار ذلك الحقل لتحركت وتركت أماكنها وزحفت كتائب كتائب وحاربت بقضبانها الأمير وجنوده وهدمت بجذوعها جدران الدير على رؤوس رهبانه.

وقفت ناظرًا ومع نظراتي تنسكب حلاوة الشفقة ومرارة الحزن على جوانب تلك القبور الجديدة: قبر فتى دافع بحياته عن شرف عذراء ضعيفة وأنقذها من بين أظافر ذئب كاسر فقطعوا عنقه جزاء شجاعته، وقد أغمدت تلك الصبية سيفه بتراب قبره ليبقى هناك رمزًا يتكلم أمام وجه الشمس عن مصير الرجولة في دولة الحيف والغباوة. وقبر صبية لامس الحب نفسها قبل أن تغتصب المطامعُ جسدها فرُجِمَتْ لأن قلبها أبى إلا أن يكون أمينًا حتى الموت. وقد