صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/149

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٣٣

عيناه بعينيها تنهَّد تنهيدة محرقة ثم حول وجهه وأغمض أجفانه كأن نفسه قد تركته وسبحت ساعية في أعماق اللانهاية باحثة عن كلمة تقولها.

وبعد هنيهة تشجعت مريم وسألته قائلة: «إلى أي مكان تذهب عندما تذوب هذه الثلوج وتنفتح الطرقات»

فأجابها وقد فتح عينيه الكبيرتين وأحدق بالأفق البعيد «سوف أتبع الطريق إلى حيث لا أعلم»

فارتعشت روح مريم ثم قالت متنهدة «لماذا لا تسكن في هذه القرية وتبقى قريبًا مِنَّا، أليست الحياة ههنا أفضل من الغربة البعيدة»

فأجابها وقد اضطربت أحشاؤه لرقة كلماتها ونغمة صوتها «إن سكان هذه القرية لا يقبلون المطرود من الدير جارًا لهم، ولا يسمحون له أن يتنفس الهواء الذي يحييهم؛ لأنهم يحسبون عدو الرهبان كافرًا بالله وقديسيه»

فتأوهت مريم ولبثت ساكنة لأن الحقيقة الجارحة قد أخرستها؛ حينئذٍ أسند خليل رأسه بيده وقال «إن