صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/148

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٣٢

أفلا يغلقون آذانَهم إذا ما قلت لهم بأن الذي يغادر الدير ليعيش بينهم يكون كالطائر الذي يخرج من ظلمة القفص إلى النور والحرية؟ وماذا يقول الشيخ عباس العائش بين هؤلاء الفلاحين المساكين كالأمير بين العبيد إذا ما سمع حكايتي؟ وماذا يفعل كاهن القرية إذا ما رددوا على مسامعه تلك الأقوال التي سببت طردي من الدير؟»

كان خليل يناجي نفسه وهو جالس بقرب الموقد يتأمل بألسنة النار الشبيهة بعواطفه، أما مريم فكانت تختلس النظرات إليه وتقرأ أحلامه في ملامح وجهه وتسمع صدى أفكاره خارجًا من صدرها وتشعر بخيالات هواجسه متمايلة حول قلبها.

ففي عشية يوم وقد وقف خليل بقرب الكوة المطلة نحو الوادي، حيث الأشجار والصخور الملتحفة بالثلوج التحاف الأموات بالأكفان، جاءت مريم ووقفت بجانبه ونظرت من الكوة إلى الفضاء، فالتفت نحوها وإذ التقت