صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/140

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٢٤

والغربان المتطايرة وعلِّمْهَا كيف يجب أن تعيش في كهوفها وأوجرتها)

وتنهد خليل تنهيدة عميقة ثم حوَّل وجهه ونظر إلى النار المتأججة في الموقد، وبصوت جارح بحلاوته قال (هكذا طردت من الدير، وهكذا سلمني الرهبان إلى يد الموت فسرت والضباب يحجب الطريق عن بصري والأرواح الشديدة تمزِّق أثوابي والثلوج المتراكمة تتمسك بركابي حتى وَهَنت قواي فسقطت مستغيثًا صارخًا صراخ يائس شعر بأنه لا يوجد من يسمعه سوى الموت المخيف والأودية المظلمة، ولكن من وراء الثلوج والأرياح، من وراء الظلمة والغيوم، من وراء الأثير والكواكب ومن وراء كل شيء قوة هي كل معرفة وكل رحمة قد سمعت صراخي وندائي فلم تشأ أن أموت قبل أن أتعلم ما بقي من سرائر الحياة فبعثتكما إليَّ لكي تسترجعاني من أعماق الهاوية والعدم)