صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/136

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٢٠

وطء أقدام أحد الرهبان عندما يجيء ويضع بقربي كسرة من الخبز اليابس العطن وطاسًا من الماء الممزوج بالخل، ولما خرجت من ذلك السجن ورأى الرهبان نحول جسدي واصفرار وجهي توهموا بأن أميال نفسي قد ماتت في داخلي وأنهم بالجوع والعطش والعذاب قد قتلوا العاطفة التي أحياها الله في قلبي ... مرت الأيام أثر الليالي وأنا أجهد النفس مفكرًا في ساعات انفرادي بما يجعل أولئك الرهبان يرون النور ويسمعون نغمة الحياة، ولكن باطلًا كنت أفتكر وأفتكر، لأن الغشاء الكثيف الذي حاكته الأجيال الطويلة على بصائرهم لا تمزقه الأيام القليلة، والطينة التي طلت بها الغباوة آذانهم قد تَحَجَّرَتْ فلا تزيلها ملامس الأصابع الناعمة»

وبعد سكينة مملوءة بالتنهدات رفعت مريم رأسها والتفتت نحو والدتها كأنها تستأذنها بالكلام ثم نظرت بكآبة نحو خليل وسألته قائلة: «هل عدت وتكلمت ثانية