صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/135

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١٩

وهم سامعون ودلائل الاستغراب بادية على وجوههم كأنهم لم يصدقوا بأن فتًى مثلي يقف بينهم ويتكلم متجاسرًا بمثل هذا الكلام حتى إذا ما انتهيت اقترب أحدهم وقال صارفًا أسنانه (أتتجرأ أيها الضعيف وتتلفظ أمامنا بمثل هذا الكلام) واقترب آخر وقال ضاحكًا مستهزئًا (هل تعلمت هذه الحكمة من البقر والخنازير التي رافقتها كل أيام حياتك) وجاء آخر وقال متوعدًا(سوف ترى ما يحل بك أيها الخبيث الكافر) ثم تفرقوا عني إلى كل ناحية مثلما يبتعد الأصحاء عن الأبرص، وذهب بعضهم وشكوني إلى الرئيس فاستدعاني عند غروب الشمس وبعد أن وبخني بقساوة على مسمع من الرهبان المبتهجين أمر بجَلدي فجلدت بسياط من المرس، ثم حكم بسجني شهرًا كاملًا، فاقتادني الرهبان متقهقهين فرحين إلى غرفة رطبة مظلمة ... انقضى الشهر وأنا مطروح في ذلك القبر لا أرى النور ولا أشعر بغير دبيب الحشرات ولا ألمس سوى التراب ولا أعرف نهاية الليل من بدء النهار ولا أسمع سوى