صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/114

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٨

كانت راحيل مثل جميع الأرامل الفقيرات تعيش بالاجتهاد والعمل مخافة الموت والفناء، فكانت تخرج أيام الحصاد وتلتقط السنابل المتروكة في الحقل وفي أيام الخريف كانت تجمع فضلات الأثمار المنسية في البساتين وفي الشتاء كانت تغزل الصوف وتخيط الأثواب لقاء دريهمات قليلة أو مكيال من الذرة، وكانت جميع أعمالها مقرونة بالثبات والصبر والاعتناء، أما ابنتها مريم فكانت صبية جميلة هادئة تشاطر والدتها الأتعاب وتساهمها أعمال البيت.

ففي تلك الليلة المخيفة التي وصفناها كانت راحيل وابنتها جالستين بقرب موقد قد تَغَلَّبَ البرد على حرارته واكتنف الرماد جمره، وفوق رأسيهما سراج ضعيف يبعث أشعته الصفراء الضئيلة إلى قلب الظلمة مثلما تبعث