صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٦

بتدرج من دير قزحيا(١) إلى قرية الشيخ عباس وقدأ يبَّس البرد مفاصله وانتزع الجوع والخوف قواه وأخفت الثلوج ثوبه الأسود كأنها تريد أن تكفنه قبل أن تميته، فكان يخطو إلى الأمام والأرياح تصده وترجعه إلى الوراء كأنها أبت أن تراه في منازل الأحياء، وتتشبث الطريق الوعرة بأقدامه فيسقط ثم ينهك ثم يصرخ بأعلى صوته مستغيثًا ثم يخرسه البرد فيقف صامتًا مرتجفًا فكأنه العناصر المتحاربة كالأمل الضعيف بين اليأس الشديد والحزن العميق، أو كعصفور مكسور الجناحين سقط في النهر فحمله التيار الغضوب إلى الأعماق.


(١)وهو أغنى وأشهر دير في لبنان تقدر حاصلاته بألوف الدنانير يسكنه عشرات من الرهبان المعروفين بالبلديين، وقزحيا لفظة سريانية معناها «فردوس الحياة»