صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/111

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٥

يكتب عليها الموت سطورًا مبهمة ثم يمحوها، وفصل الضباب بين القرى المنثورة على كتفي الوادي وتوارت الأنوار الضئيلة التي كانت تشعشع في نوافذ البيوت والأكواخ الحقيرة، وقبضت الرعبة على نفوس الفلاحين وانزوت البهائم بقرب المعالف واختبأت الكلاب في القراني ولم يبق سوى الريح تخطب وتضج على مسامع الكهوف والمغاير فيتصاعد صوتها الرهيب من أعماق الوادي تارة وطورًا ينقض من أعالي قمم الجبال، فكأن الطبيعة قد غضبت لموت العام العجوز فقامت تأخذ بثأره من الحياة المختبئة في الأكواخ وتحاربها بالبرد القارس والزمهرير الشديد.

ففي هذه الليلة الهائلة وتحت هذا الجو الثائر كان فتى في الثانية والعشرين من عمره يسير على الطريق المتصاعدة