صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٩٢-

فنظرت إليّ نظرة ملؤها الحنان والرأفة والانعطاف، ثم قالت «أتطلب مني الصبر والتجلد وفي عينيك معنى اليأس والقنوط؟ أيعطي الفقير الجائع خبزه للجائع الفقير؟ أَو يصف العليل دواءً لعليل آخر وهو أحرى بالدواء؟»

ثم وقفت وسارت أمامي منحنية الرأس إلى غرفة والدها. جلسنا بقرب مضجع الشيخ العليل وسلمى تتكلف الابتسام وهدوء البال وهو يتكلف الراحة والقوة، وكل منهما شاعر بلوعة الآخر، عالم بضعفه، سامع غصات قلبه، فكانا مثل قوتين متصارعتين يفني بعضهما بعضًا في السكينة. والدٌ دنف يذوب ضنًى لتعاسة ابنته، وابنة محبة تذبل متوجعة بعلة والدها، نفس راحلة ونفس يائسة تتعانقان أمام الحب والموت، وأنا بينهما أتحمل ما بي وأقاسي ما بهما؛ ثلاثة جمعتهم يد القضاء ثم قبضت عليهم بشدة حتى سحقتهم؛ شيخ يمثل بيتًا قديمًا هدمه الطوفان، وصبيّة