صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/96

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٩٠-

وبعد سكوت عميق أرجعنا بتأثيراته السحرية إلى تلك الساعات التي سكرنا فيها من خمرة الآلهة، مسحت سلمى دموعها بأطراف أناملها وقالت متحسِّرة «أرأيت كيف تبدَّلت الأيام؟ أرأيت كيف أضلَّنا الدهر فسرنا مسرعين إلى هذه الكهوف المفزعة؟ في هذا المكان جمعنا الربيع في قبضة الحب، وفي هذا المكان يجمعنا الآن الشتاء أمام عرش الموت، فما أبهى ذلك النهار! وما أشد ظلمة هذا الليل»

قالت هذه الكلمات وقد ابتلعت الغصّات أواخرها، ثم عادت فسترت وجهها بيديها كأن ذكرى الماضي قد تجسّدت، ووقفت أمامها فلم تشأ أن تراها. فوضعت يدي على شعرها قائلًا: تعالي يا سلمى، تعالي ننتصب كالأبراج أمام الزوبعة. هلمي نقف كالجنود أمام الأعداء متلقِّين شفار السيوف بصدورنا لا بظهورنا، فإن صُرعنا نموت كالشهداء وإن تغلَّبْنا نعشْ كالأبطال … إن عذاب النفس بسباتها