صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/95

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٨٩-

واللدانة قد نُحلتا حتى بدت عظام أصابعهما من تحت الجلد كقضبان عارية ترتعش أمام العاصفة.

ولما دنوت منه سائلًا عن حاله، حوّل وجهه المهزول نحوي وظهر على شفتيه المرتجفتين خيال ابتسامة محزنة، وبصوت ضعيف خافت خلته آتيًا من وراء الجدران قال: اذهب، اذهب يا ابني إلى تلك الغرفة وامسح دموع سلمى وسكِّن روعها ثم عدْ بها إليَّ لتجلس بجانب فراشي …

دخلتُ الغرفة المحاذية فوجدت سلمى منطرحة على مقعد وقد غمرت رأسها بزنديها وغرقت وجهها بالمساند، وأمسكت أنفاسها كيلا يسمع والدها نحيبها. فاقتربتُ منها ببطء ولفظت اسمها بصوت أقرب إلى التنهّد منه إلى الهمس، فتحركتْ مضطربة كنائم تراوده الأحلام المخيفة، ثم استوت على مقعدها ونظرت إليّ بعينين شاخصتين جامدتين كأنها ترى شبحًا في عالم الرؤيا، ولا تصدق حقيقة وجودي في ذلك المكان.