صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/94

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٨٨-

الناس مثلما يبتعد الغزال الجريح عن سربه ويتوارى في كهفه حتى يبرأ أو يموت.

فذات يوم سمعت باعتلال فارس كرامة، فتركت وحدتي وذهبت لعيادته ماشيًا على ممر منفرد بين أشجار الزيتون المتلمّعة أوراقها الرصاصية بقطرات المطر، متنحيًا عن الطريق العمومية حيث تزعج ضجة المركبات سكينة الفضاء.

بلغت منزل الشيخ ودخلت عليه، فوجدته مُلقى على فراشه مضنى الجسم، شاحب الوجه أصفر اللون، قد غرقت عيناه تحت حاجبيه فباتتا كهوَّتين عميقتين مظلمتين تجول فيهما أشباح السقم والألم، فالملامح التي كانت بالأمس عنوان البشاشة والانبساط قد تقلَّصت واكفهرَّت وأصبحت كصحيفة رمادية متجعدة تكتب عليها العلة سطورًا عريبة ملتبسة. واليدان اللتان كانتا مغلّفتين باللطف