صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٨٥-

كان منصور بك شبيهًا بعمه المطران بولس غالب، وكانت أخلاقه كأخلاقه، ونفسه صورة مصغرة لنفسه، ولم يكن الفرق بينهما إلا بما يفرق الرياء عن الانحطاط. كان المطران يبلغ أمانيه مستترًا بأثوابه البنفسجية، ويشبع مطامعه محتميًا بالصليب الذهبي المعلق على صدره، أما ابن أخيه فكان يفعل كل ذلك جهارًا وعنوة. كان المطران يذهب إلى الكنيسة في الصباح، ويصرف ما بقي من النهار منتزعًا الأموال من الأرامل واليتامى وبسطاء القلب. أما منصور بك فكان يقضي النهار كله متَّبِعًا ملذاته ملاحقًا شهواته في تلك الأزِقَّة المظلمة حيث يختمر الهواء بأنفاس الفساد.

كان المطران يقف يوم الأحد أمام المذبح، ويعظ المؤمنين بما لا يتّعظ به، ويصرف أيام الأسبوع مشتغلًا بسياسة البلاد، أما ابن أخيه فكان يصرف جميع أيامه متاجرًا بنفوذ عمه بين طالبي الوظائف ومريدي الوجاهة. كان المطران لصًّا