صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/84

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٧٨-

كعروس جميلة يلاعب النسيم أثوابها تظهر في المساء كعمود دخان يتصاعد نحو اللاشيء، والصخر الكبير، الذي يجلس عند الظهيرة كجبّار قوي يهزأ بعاديات الزمن يبدو في الليل كفقير بائس يفترش الثرى ويلتحف الفضاء. والساقية التي نراها عند الصباح متلمعة كَذَوْب اللُّجَيْن ونسمعها مترنمة بأغنية الخلود، نخالها في المساء مجرى دموع يتفجر من بين أضلع الوادي، ونسمعها تندب وتنوح كالثكلى. ولبنان الذي ظهر منذ أسبوع بكل مظاهر الجلال والرونق عندما كان القمر بدرًا والنفس راضية قد بان في تلك الليلة كئيبًا منهوكًا مستوحشًا أمام قمر ضئيل ناقص هائم في عرض السماء وقلب خافق معتلّ في داخل الصدر.

وقفنا للوداع، وقد وقف بيننا الحب واليأس شبحين هائلين؛ هذا باسط جناحيه فوق رأسينا، وذاك قابض بأظافره على عنقينا، هذا يبكي مرتاعًا، وذاك يضحك ساخرًا.