صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/82

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٧٦-

صفعتني، أنت زرعت في قلبي وردة بيضاء، وحول هذه الوردة أنبتَّ الأشواك والحسَك، أنت أوثقت حاضري بروح فتى أحبه، وبجسد رجل لا أعرفه قيدت أيامي؛ فساعدني لأكون قوية في هذا الصراع المميت، وأسعِفْني لأبقى أمينة وطاهرة حتى الموت … لتكن مشيئتك يا رب، ليكن اسمك مباركًا إلى النهاية.

وسكتت سلمى وظلت ملامحها تتكلم، ثم حَنَتْ رأسها وأَرْخَتْ ذراعيها، وانخفض هيكلها، كأن القوى الحيوية قد تركتها فبانت لناظري كغصن قصفته العاصفة وألقتْه إلى الحضيض ليجف ويندثر تحت أقدام الدهر، فأخذتُ يدها المثلجة بيدي الملتهبة، وقبَّلت أصابعها بأجفاني وشفتي، ولما حاولت تعزيتها بالكلام وجدتني أحرى منها بالتعزية والشفقة؛ فبقيت صامتًا حائرًا متأملًا، شاعرًا بتلاعب الدقائق بعواطفي، مصغيًا لأَنَّةِ قلبي في داخلي، خائفًا من نفسي على نفسي.