صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٧٥-

السعادة تسيرها راجلة ثم تبعث الشقاء فارسًا ليصطادها، في حنجرتها تبث نغمة الفرح ثم تغلق شفتيها بالحزن وتربط لسانها بالكآبة، بأصابعك الخفية تمنطق باللذة أوجاعها، وبأصابعك الظاهرة ترتسم هالات الأوجاع حول ملذاتها، في مضجعها تخفي الراحة والسلامة، وبجانب مضجعها تقيم المخاوف والمتاعب، بإرادتك تحيي ميولها، ومن ميولها تتولد عيوبها وزلاتها، بمشيئتك تريها محاسن مخلوقاتك، وبمشيئتك تنقلب محبتها للحسن مجاعة مهلكة، بشريعتك تزوج روحها من جسد جميل، وبقضائك تجعل جسدها بَعْلًا للضعف والهوان. أنت تسقيها الحياة بكأس الموت والموت بكأس الحياة. أنت تطهرها بدموعها، وبدموعها تذيبها. أنت تملأ جوفها من خبز الرجل، ثم تملأ حفنة الرجل من حبات صدرها. أنت أنت يا رب، قد فتحت عيني بالمحبة، وبالمحبة أعميتني، أنت قبَّلتني بشفتيك، وبيدك القوية