صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/68

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٦٢-

الخمر. فسلمى كرامة كانت في عشية ذلك النهار كأس طافحة من خمرة علوية تمتزج بدقائقها مرارة العيش بحلاوة النفس. كانت تمثل على غير معرفة منها حياة المرأة الشرقية التي لا تغادر منزل والدها المحبوب إلا لتضع عنقها تحت نير زوجها الخشن … ولا تترك ذراعيْ أمها الرؤوف إلا لتعيش في عبودية والدة زوجها القاسية.

وبقيت محدقًا إلى وجه سلمى، مصغيًا لأنفاسها المتقطعة، صامتًا مفكرًا، شاعرًا متألمًا معها ولها، حتى أحسست أن الزمن قد وقف عن مسيره، والوجود قد انحجب واضمَحَلَّ، ولم أعد أرى سوى عينين كبيرتين محدّقتين إلى أعماقي، ولا أشعر بغير يد باردة مرتعشة تضم يدي. ولم أفق من هذه الغيبوبة حتى سمعت سلمى تقول بهدوء: تعالَ نتحدث الآن يا صديقي. تعالَ نحاول تصوير المستقبل قبل أن يحمل علينا بمخاوفه وأهواله. لقد ذهب والدي إلى منزل الرجل الذي