صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/56

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٥٠-

الأشجار والحيرة تتلاعب بعواطفي مثلما تتلاعب العواصف بأوراق الخريف، ثم تبعتهما إلى القاعة. وكيلا أظهر بمظهر طفيلي يميل إلى استطلاع الخصوصيات أخذت يد الشيخ مودعًا، ونظرت إلى سلمى نظرة غريق تلفّت نحو نجم لامع في قبة الفلك، ثم خرجت دون أن يشعروا بخروجي، ولكنني ما بلغت أطراف الحديقة حتى سمعت صوت الشيخ مناديًا، فالتفت وإذا به يتبعني، فعدت إلى لقائه، ولما دنوت منه أمسك بيدي وقال بصوت مرتعش: سامحني يا ابني فقد جعلت ختام ليلتك مكتنفًا بالدموع، ولكنك سوف تجيء إليّ دائمًا، أليس كذلك؟ ألا تزورني عندما يصير هذا المكان خاليًا إلا من الشيخوخة المحزنة؟ إن الشباب الغضّ لا يستأنس بالشيخوخة الذابلة، كما أن الصباح لا يلتقي بالمساء، أما أنت فسوف تجيء إليّ لتُذَكرني بأيام الصبا التي صرفتها بقرب أبيك، وتعيد على