صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/54

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٤٨-

بمسيرة بين الحيرة والشقاء، فعرفنا بأن الوالد الشيخ قد عاد من دار المطران، فسرنا بين الأشجار ننتظر وصوله. وبلغت المركبة مدخل الحديقة، فترجّل فارس كرامة وسار نحونا منحني الرأس بطيء الحركة، ونظير متعب رازح تحت حمل ثقيل تقدّم نحو سلمى، ووضع كلتا يديه على كتفيها، وحدق إلى وجهها طويلًا كأنه يخاف أن تغيب صورتها عن عينيه الضئيلتين، ثم انسكبت دموعه على وجنتيه المتجعِّدتين وارتجفت شفتاه بابتسامة محزنة، وقال بصوت مخنوق «عما قريب يا سلمى، عما قريب تخرجين من بين ذراعيْ والدك إلى ذراعي رجل آخر، عما قريب تسير بك سنة الله من هذا المنزل المنفرد إلى ساحة العالم الواسعة، فتصبح هذه الحديقة مشتاقة إلى وطء قدميك ويصير والدك غريبًا عنك. لقد لفظ القدر كلمته يا سلمى فلتباركك السماء وتحرسكِ»