صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/53

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٤٧-

المتضامنة بالتفاهم»

ورفعت سلمى يدها بلطف عن رأسي تاركة بين مغارس الشعر تموجات كهربائية يتلاعب بها نسيم الليل، فيزيدها نموًّا وحراكًا، فأخذتُ تلك اليد براحتي، نظير متعبّد يتبرك بلثم المذبح، ووضعتها على شفتيَّ الملتهبتين وقبّلتها قبلة طويلة عميقة خرساء، تذيب بحرارتها كل ما في القلب البشري من الإحساس، وتنبه بعذوبتها كل ما في النفس الإلهية من الطهر.

ومرت علينا ساعة كل دقيقة منها عام شغف ومحبة، تساورنا سكينة الليل، وتغمرنا أشعة القمر، وتحيط بنا الأشجار والرياحين، حتى إذا ما بلغنا تلك الحالة التي ينسى فيها الإنسان كل شيء سوى حقيقة الحب سمعنا وقع حوافر وهدير مركبة تقترب منا مسرعة، فانتبهنا من تلك الغيبوبة اللذيذة، وهبطت بنا اليقظة من عالم الأحلام إلى هذا العالم الواقف