صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٤١-

الحب حيث الحياة والموت.

خرجنا إلى الحديقة وسرنا بين الأشجار شاعرين بأصابع النسيم الخفية تلامس وجهينا وقامات الأزهار والأعشاب اللدنة تتمايل بين أقدامنا، حتى إذا ما بلغنا شجرة الياسمين جلسنا صامتين على ذلك المقعد الخشبي نسمع تنفس الطبيعة النائمة، ونكشف بحلاوة التنهد خفايا صدرينا أمام عيون السماء الناظرة إلينا من وراء ازْرِقَاق السماء.

وطلع القمر إذا ذاك من وراء صنين، وغمر بنوره تلك الروابي والشواطئ، فظهرت القرى على أكتاف الأودية كأنها قد انبثقت من اللاشيء، وبان لبنان جميعه من تحت تلك الأشعة الفضية، كأنه فتى متكئ على ساعده تحت نقاب لطيف يخفي أعضاءه ولا يخفيها.

لبنان عند شعراء الغرب مكان خيالي، قد اضمحلّت حقيقته بذهاب داود وسليمان والأنبياء، مثلما انحجبت جنة