صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/46

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٤٠-

التي ثَلَّت العروش وخربت الممالك كانت خاطرًا يتمايل في رأس رجل واحد. والتعاليم السامية التي غيرت مسير الحياة البشرية كانت ميلًا شعريًّا في نفس رجل واحد منفصل بنبوغه عن محيطه؛ فِكر واحد أقام الأهرام، وعاطفة واحدة خرّبت تروادة، وخاطر واحد أوجد مجد الإسلام، وكلمة واحدة أحرقت مكتبة الإسكندرية.

فِكر واحد يجيئك في سكينة الليل يسير بك إلى المجد أو إلى الجنون. نظرة واحدة من أطراف أجفان امرأة تجعلك أسعد الناس أو أتعسهم، كلمة واحدة تخرج من بين شفتي رجل تُصَيِّرك غنيًّا بعد الفقر أو فقيرًا بعد الغنى … كلمة واحدة لفظتها سلمى كرامة في تلك الليلة الهادئة أوقفتني بين ماضيَّ ومستقبلي وقوف سفينة بين لجة البحار وطبقات الفضاء. كلمة واحدة معنوية قد أيقظتني من سُبات الحداثة والخلوّ، وسارت بأيامي على طريق جديدة إلى مسارح