صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٣٤-

داخلها شعورًا جديدًا عذبًا يكتنف محبتها لي مثلما تحتضن الأم طفلها.

جلسنا إلى المائدة نأكل ونشرب ونتحدث، جلسنا في تلك الغرفة نتلذذ بألوان الطعام الشهية وأنواع الخمور المعتَّقة، وأرواحنا تسبح على غير معرفة منا في عالم بعيد عن هذا العالم، وتحلم بمآتي المستقبل، وتتأهب للوقوف أمام مخاوفه وأهواله. ثلاثة أشخاص تختلف أفكارهم باختلاف مقاصدهم من الحياة، وتتفق سرائرهم باتفاق قلوبهم بالمودة والمحبة، ثلاثة من الضعفاء الأبرياء يشعرون كثيرًا ويعرفون قليلًا، وهذه هي المأساة المستتبَّة على مسرح النفس. شيخ جليل شريف يحب ابنته ولا يحفل بغير سعادتها، وصبيَّة في العشرين من عمرها ترى المستقبل قريبًا بعيدًا، وتحدِّق إليه لترى ما يُخبئ لها من الغبطة والشقاء، وفتى كثير الأحلام والهواجس لم يذُق بَعْدُ خمرَ الحياة ولا خلَّها، يحرك