صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٣٠-

بيضاء متقدة سابحة بين الأرض واللانهاية. جمال سلمى كان نوعًا من ذلك النبوغ الشعري الذي نشاهد أشباحه في القصائد السامية والرسوم والأنغام الخالدة. وأصحاب النبوغ تعساء، مهما تسامت أرواحهم تظلُّ مكتنفة بغلاف من الدموع.

وكانت سلمى كثيرة التفكير قليلة الكلام، ولكن سكوتها كان موسيقيًّا ينتقل بجليسها إلى مسارح الأحلام البعيدة، ويجعله يصغي لنبضات قلبه، ويرى أخيلة أفكاره وعواطفه منتصبة أمام عينيه.

أما الصفة التي كانت تعانق مزايا سلمى وتساور أخلاقها فهي الكآبة العميقة الجارحة، فالكآبة كانت وشاحًا معنويًّا ترتديه فتزيد محاسن جسدها هيبة وغرابة، وتظهر أشعة نفسها من خلال خيوطه كخطوط شجرة مزهرة من وراء ضباب الصباح.