صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٢٩-

يستطيع أن يصف وجه سلمى كرامة؟ بأية ألفاظ نقدر أن نصور وجهًا حزينًا هادئًا محجوبًا وليس محجوبًا بنقاب من الاصفرار الشفاف؟ بأية لغة نقدر أن نتكلم عن ملامح تعلن في كل دقيقة سرًّا من أسرار النفس، وتذكِّر الناظرين إليها بعالم روحي بعيد عن هذا العالم؟إن الجمال في وجه سلمى لم يكن منطبقًا على المقاييس التي وضعها البشر للجمال، بل كان غريبًا كالحلم أو كالرؤيا أو كفكر علوي لا يقاس ولا يحد ولا يُنْسَخ بريشة المصور، ولا يتجسم برخام الحفار. جمال سلمى لم يكن في شَعْرها الذهبي، بل في هالة الطُّهر المحيطة به، ولم يكن في عينيها الكبيرتين، بل في النور المنبعث منهما، ولا في شفتيها الورديتين، بل في الحلاوة السائلة عليهما، ولا في عنقها العاجي، بل في كيفية انحنائه قليلًا إلى الأمام، جمال سلمى لم يكن في كمال جسدها، بل في نبالة روحها الشبيهة بشعلة