صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/34

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٢٨-

فكيف أصفها لمن لا يعرفها؟ هل يستطيع الجالس في ظل أجنحة الموت أن يستحضر تغريدة البلبل وهمس الوردة وتنهدة الغدير؟ أيقدر الأسير المثقل بالقيود أن يلاحق هبوط نسمات الفجر؟ ولكن أليس السكوت أصعب من الكلام؟ وهل يمنعني التهيب عن إظهار خيال من أخيلة سلمى بالألفاظ الواهية إذا كنت لا أستطيع أن أرسم حقيقتها بخطوط من الذهب؟ إن الجائع السائر في الصحراء لا يأبى أكل الخبز اليابس إذا كانت السماء لا تمطره المنَّ والسلوى.

كانت سلمى نحيلة الجسم، تظهر بملابسها البيضاء الحريرية كأشعة قمر دخلت من النافذة، وكانت حركاتها بطيئة متوازنة أشبه شيء بمقاطيع الألحان الأصفهانية، وصوتها منخفضًا حلوًا تقطعه التنهدات، فينسكب من بين شفتيها القرمزيتين مثلما تتساقط قطرات الندى عن تيجان الزهور بمرور تموجات الهواء … ووجهها — ومن يا ترى