صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/21

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١٥-

والمستقبل يبدو لأعينهم متشحًا بضباب الزوال وظلمة القبر.

وبعد ساعة مرت بين الأحاديث والتذكارات مرور ظل الأغصان على الأعشاب، وقف فارس كرامة للانصراف، ولما دنوت منه مودعًا أخذ يدي بيمينه ووضع شماله على كتفي قائلًا«أنا لم أرَ والدك منذ عشرين سنة، ولكنني أرجو أن أستعيض عن بعاده الطويل بزياراتك الكثيرة»

فانحنيت شاكرًا واعدًا بتتميم ما يجب على الابن نحو صديق أبيه.

ولما خرج فارس كرامة استزدت صاحبي من أخباره، فقال بلهجة يساورها التحدّر لا أعرف رجلًا سواه في بيروت قد جعلَته الثروة فاضلًا والفضيلة مثريًا. وهو واحد من القليلين الذين يجيئون هذا العالم ويغادرونه قبل أن يلامسوا بالأذى نفس مخلوق- ولكن هؤلاء الرجال يكونون غالبًا تعساءَ مظلومين؛ لأنهم يجهلون سبل الاحتيال